شبكة الجزائر اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة الجزائر اليوم

موقع جزائري منوع , اخبار الجزائر البيضاء, اخبار عربية وعالمية , اخبار الرياضة, التعليم في الجزائر, الصحف الجزائرية, مسابقات التوظيف في الجزائر 2014 , bac2014, bem2014 شهادة التعليم المتوسط , وشهادة البكالوريا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 "ضحية الترامواي" تروي معاناتها "من تحت التراب"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
avatar


عدد المساهمات : 119
تاريخ التسجيل : 19/12/2013

"ضحية الترامواي" تروي معاناتها "من تحت التراب" Empty
مُساهمةموضوع: "ضحية الترامواي" تروي معاناتها "من تحت التراب"   "ضحية الترامواي" تروي معاناتها "من تحت التراب" Emptyالأحد ديسمبر 22, 2013 2:09 pm



قصدنا أحياء السوريكال التابعة لمقاطعة باب الزوار بالجزائر العاصمة، وبالتحديد حي القصبة أين كانت تقطن (قتيلة الترامواي)، ليروي لنا كل ركن حزين فيه قصة السيدة (باية)،
إيمان قريفي·
هي الراسخة في الأذهان بطيبتها وبابتسامة لا تفارق محيّاها، الإنسانية الحنونة المحبة للحياة والتفاؤل، الاجتماعية التي كانت تهوى زيارة الجيران وتجاذب أطراف الحديث معهم، حاملة بين ذراعيها من حين لآخر طبقا، من حلوياتها المبدعة·
- هي السيدة (باية داجي) المولودة في 2 أكتوبر 1956 المتوفاة عن عمر ناهز 57 سنة، كانت تقطن رفقة شقيقها (عبد الكريم) بشقة مستأجرة بحي 8 ماي 1945 الذي قدر لها أن تلفظ فيه آخر أنفاسها تحت عجلات الترامواي يوم السبت الأسود في الحادثة المعروفة·
كانت تعمل حتى آخر أيامها (منظفة) بالمدرسة العليا للتجارة (التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي) وليس أستاذة (جامعية متقاعدة) كما أشيع عنها، فيذكر شقيقها أنه مجرد تشابه (أسماء)، إذ أن هنالك سيدة تحمل نفس الاسم وتقطن نفس المنطقة تشغل منصب أستاذة وبهذا وقع الخطأ·
بالإضافة إلى عملها ذلك كانت للسيدة (باية) أكثر من حرفة كـ(الخياطة، الحلاقة، وصناعة الحلويات خاصة للفقراء والمحتاجين وذوي الدخل الضعيف بمبالغ رمزية جدا)···

معاناة من المهد إلى اللّحد··

الفقيدة مطلقة ولا أبناء لها، إذ مرّت بتجربة زواج دامت بضعة أشهر لتتعرض في الأسابيع الأولى لزواجها لحادثة احتراق، تسببت به عن غير قصد شقيقتا زوجها (المضطربتين ذهنيا)· إذ سكبتا عليها مادة ملتهبة أثناء تواجدها بالمطبخ، لتكمل شرارة الفرن المهمة فتصاب وهي (لاتزال عروسا) بحروق بالغة على مستوى الذراع والرقبة، المرحومة عانت الويلات فلم تستطع التأقلم لتغادر بيت الزوجية متعهدة لنفسها بعدم العودة إلى مشروع الزواج مجددا·
وعرف عن السيدة (باية) رحمها اللّه ارتباطها العاطفي الشديد بالعائلة الذي معظم أفرادها بعيدين عنها (بفرنسا)، خاصة تعلقها بشقيقيها الأصغر سنا منها، كلّ من (محمد) و(عبد الكريم) اللذين كانت تعتبرهما جزءا من مسؤولياتها فكانت تغمرهما بعاطفة الأمومة لا الأخوة، خصوصا أن الوالدة هي الأخرى كانت متواجدة على التراب الفرنسي ليعيدها نبأ وفاة ابنتها إلى الوطن·
وكما يقال فإن (البؤس لا يكاد يفارق صاحبه)، ففي صبيحة يوم مشؤوم بينما غادرت المرحومة إلى السوق في عجالة مخلفة وراءها شقيقها (محمد) وحده في البيت وهو الذي كان يعاني من اضطرابات نفسية، لترجع فتصطدم بالنبأ الصاعقة·· نبأ وفاته، إذ رمى المسكين بنفسه من الطابق الرابع ليسقط جثة هامدة على الرصيف، لتغرز الوحدة من جديد خنجرا في كيانها المعطوب إذ لم يبق قربها من أحبائها سوى (أخ واحد)·

الموت يسكن بيت العائلة
توالت الأيام ومرت قرابة السنة على وفاة (محمد) إلاّ أن ذكراه لم تفارق مطلقا السيدة (باية)، فكانت شديدة التأثر لأن الموت خطف منها شقيقها، هي التي لم تشبع عيناها رؤيته بجوارها فكيف بغيابه المطلق، فيذكر الجيران أنها أمضت فترة ما بعد وفاته عليلة صحيا ونفسيا، فتأثرها البالغ برحيله انعكس سلبا عليها، فساءت حالتها وأضحت تعبة تتعثر تارة في مدخل العمارة وتجثو على ركبتها أمام الرصيف تارة أخرى، كثيرة البكاء عليه، غير قادرة حتى على المشي بسلاسة وغالبا ما تكون شاردة الذهن·
هي التي كانت تتحمل مسؤولية رعايته بالإضافة إلى عملها خارج المنزل وهي متقدمة السنّ، بالاضافة إلى الاهتمام بأخيها الأصغر (عبد الكريم)، إلاّ أن رحيله عنها زاد من حدة وحدتها واشتياقها إلى أهلها خاصة أمها·
تروي صديقة مقربة أن السيدة (باية) رحمها اللّه كان يلازمها إحساس أقرب إلى اليقين بأنها على موعد قريب بشقيقها المتوفي، لأنها كانت تراودها أحلام ورؤى عنه، فتقص على لسان المرحومة أنها رأت رؤيا فحواها (أنها تلقت رسالة تحوي ورقتين ساقطتين·· الأولى مكتوب فيها اسم (محمد) وعلى الثانية اسم
(باية)، ومرة أخرى يقف شقيقها في منامها فيخاطبها أن (تعالي وانظري إلى دارك الجديدة مزخرفة ومزّينة····) فأردفت المرحومة مفسرة لرؤياها أن: (ربما سأموت قريبا) وأن (·· يعني مات محمد ومازال دوري أنا····!)·

وتحقيق الحلم····
يوم الحادثة كانت المرحومة تمشي وذهنها شارد بخطى متثاقلة ثقل أحزانها، هي التي احتارت باكية ذلك الأسبوع كيف تتعامل مع فاتورة الكهرباء بالمبلغ الهائل الذي حوشته وبين دفع إيجار الشقة المتأخر··· هذا إضافة إلى كل الهموم والمعاناة التي أتعبت كاهلها، فاختارت أهون الأمرين بالاتجاه إلى باش جراح بالعاصمة نحو مقر (O.P.G.I) لدفع الإيجار···· تلك الوجهة التي لم تصل إليها أبدا·
رغم أنّ السيدة (باية) كبرت وسط عائلة متوسطة المستوى، لكنها مرّت بأقسى التجارب التي يمكن أن تتحملها امرأة، فتجربة الزواج كانت بائسة إذ نجت من حادثة احتراق تركت لها ندوبا، لتمرّ عليها السنين بصعوبة ألقت برواسبها على قلبها المسكين فكتمت معاناتها، وحتى المعاملة القاسية لبعض الأشخاص في محيطها انعكست على صحتها بتضخم خطير في الغدة الدرقية استلزم عملية جراحية طارئة خلفت لها ندبا آخر واضحا على مستوى الرقبة، فشغلت نفسها بما أمكن ليديها أن تفعله فقط لملء الفراغ وتناسي بؤسها، لتصطدم مرة أخرى بموكب الحزن· إثر وفاة الأخ (محمد) ليترك لها ذلك جرحا لا يلتئم··· إلاّ باللّحاق به في العالم الآخر·
وهذا ما كان مقدرا لها، إذ قادتها خطواتها الواهنة إلى مصيرها، لتلقى حتفها في حادث شخصت له الأبصار ورجفت له القلوب·
حتى وإن لم تخلّف عجلات الترامواي من جسدها المرهق إلا أشلاء ممزقة غير واضحة المعالم، إلاّ أن ذكراها انتقلت كعدوى طيبة في الأذهان، فحضرت أعداد كبيرة الجنازة حتى أن الجيران يذكرون أنهم شهدوا تواجد كثير من الأشخاص لم يعرفوا قط السيدة (باية) ولا حتى أهلها، وحتى عابري الطريق ممن شهدوا الحادثة·
وهكذا حملت على الأكتاف صندوقا منع فتحه لم يضم رفاتها فقط، بل صندوقا مغلقا آخر هو الإنسانة التي أخذت معها الكثير من الأسرار والحكايا···· لتستقر بمثواها الأخير بمقبرة العالية، قرب شقيقها محمد وبقية أفراد العائلة المتوفين رحمهم اللّه، لتتحقق بذلك إحدى أمنيتيها بالانضمام إلى محمد، وتبقى أمنيتها الأخرى، إذ كانت السيدة (باية) تأمل أن تتمكن من تزويج أخيها الأصغر (عبد الكريم) (49سنة) وهو بدوره ناشد كل الضمائر الحيّة قصد الحصول على عمل مستقر يضمن له العيش الكريم، في انتظار ما ستؤول إليه قضية مقتل أخته على سكة الترامواي إذا ما وصلت إلى قاعة المحكمة·
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://algeria-2day.yoo7.com
 
"ضحية الترامواي" تروي معاناتها "من تحت التراب"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الجزائر اليوم  :: شبكة الجزائر اليوم :: اخبار الجزائر-
انتقل الى: